بينما تستعد بريطانيا لتخفيف إجراءات الإغلاق المفروضة بسبب انتشار وباء كورونا، فقد أعلنت وزارة الداخلية يوم 22 مايو أنه اعتبارًا من 8 يونيو سيكون على جميع القادمين إلى المملكة المتحدة الالتزام بالعزل الذاتي لمدة 14 يومًا. قواعد الحجر الصحي التي من المزمع تطبيقها في المملكة المتحدة تعكس الإجراءات التي بادرت إلى تطبيقها العديد من البلدان في جميع أنحاء أوروبا في إطار مكافحة انتشار فيروس كوفيد-19. ويستثنى من ذلك المسافرون القادمون من الجزر البريطانية بما فيها جزيرة مان وجمهورية إيرلندا، بالإضافة إلى بعض المسافرين من المهنيين.
تعتزم العديد من الدول في منطقة شنغن والاتحاد الأوروبي إعادة تنشيط القطاع السياحي، مع الإبقاء على القيود المفروضة على الرحلات الجوية على الرغم من أن بعض شركات الطيران تتهيأ للعودة إلى العمل مجددًا على الأقل بشكل جزئي خلال الأسابيع والأشهر القادمة.
الجدير بالذكر أن منطقة شنغن تضم 22 دولة عضوًا في الاتحاد الأوروبي بالإضافة إلى بعض الدول الأعضاء من خارج الاتحاد الأوروبي وهي سويسرا وليختنشتاين وأيسلندا والنرويج، حيث اتفقت هذه الدول على إلغاء عمليات التفتيش الحدودية فيما بينها في إطار ما بات يعرف باتفاقية شنغن. في حين أن أيرلندا وكرواتيا وبلغاريا ورومانيا هم أعضاء في الاتحاد الأوروبي فقط ولكنهم ليسوا أعضاء ضمن منطقة شنغن. أما بالنسبة إلى المملكة المتحدة فإنها منذ نهاية كانون الثاني (يناير) 2020 فقد أصبحت خارج الاتحاد الأوروبي فيما سمي حينها بعملية “خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي – بريكست”.
وفي الأسبوع الماضي أعلنت وزارة الداخلية البريطانية عن قواعد الحجر الصحي الجديدة في المملكة المتحدة، والتي سيتم تطبيقها اعتبارًا من 8 يونيو والتي بموجبها فإنه يلزم على جميع المسافرين القادمين إلى المملكة المتحدة تطبيق قواعد العزل الذاتي لمدة أسبوعين بما في ذلك المواطنين البريطانيين أنفسهم. وعللت وزيرة الداخلية البريطانية بريتي باتل هذه الإجراءات الجديدة بأن من شأنها أن تساعد على منع حدوث موجة ثانية من انتشار عدوى الفيروسات التاجية. كما تسعى الحكومة البريطانية في الأسابيع الأخيرة إلى تخفيف قيود الحظر المفروضة حاليًا بسبب استقرار عدد حالات الإصابة الجديدة ومعدل الوفيات.
هذا وقد تمت الإشارة إلى أنه بدءًا من تاريخ الأول من يونيو سيتم إعادة فتح المدارس بشكل جزئي ، بالإضافة إلى بعض منافذ البيع بالتجزئة الغير ضرورية بما في ذلك متاجر بيع السيارات ومتاجر الأجهزة. إلا أن تخفيف إجراءات الحظر الحالية يثير المخاوف من حدوث موجة ثانية من انتشار فيروس كوفيد-19 نتيجة دخول حالات مصابة قادمة من خارج البلاد بحيث أن هذه الحالات قد تعمل كمصدر لانتشار الوباء. وتعمل الحكومة على درء هذا الخطر من خلال تطبيق قوانين الحجر الصحي الإلزامي على جميع القادمين إلى المملكة المتحدة. وقد صرحت بريتي باتل أنه “بينما يسعى العالم إلى التخلص من أسوأ النتائج التي سببها إنتشار فيروس كورونا، إلا أنه يجب علينا أن نتطلع إلى المستقبل وأن نحرص على حماية الشعب البريطاني من خلال تقليل الخطر الناتج عن دخول أي حالات مصابة عبر حدودنا”.
وأضافت “نحن نضع هذه الإجراءات الجديدة حيز التنفيذ للتقليل من انتشار العدوى ولتجنب حدوث موجة أخرى مدمرة من انتشار الفيروس”.
تنطبق هذه القوانين على أي شخص يسافر إلى المملكة المتحدة، بما في ذلك مواطني دول منطقة شنغن والاتحاد الأوروبي والمقيمين فيهما وكذلك مواطني المملكة المتحدة وجميع المسافرين إليها من مختلف أنحاء العالم. ويستثنى من ذلك فقط المسافرون القادمون من جزر القنال وجزيرة مان وجمهورية إيرلندا والذين لن يتوجب عليهم الالتزام بإجراءات العزل الذاتي.
وعند الوصول إلى مطارات وموانئ المملكة المتحدة، يتعين على كل مسافر تعبئة نموذج “تحديد مقر الإقامة”، ويخول للمسؤولين القائمين بإجراءات الفحص العشوائي تطبيق غرامة تصل إلى 1000 جنيه إسترليني في حال عدم التزام المسافرين بقواعد الحجر الصحي في المملكة المتحدة.
مع الأخذ بعين الاعتبار وجود بعض الفئات المستثناة من تطبيق هذه القوانين، والتي تشمل شركات النقل والعاملين في المجال الطبي وغيرهم من المهنيين العاملين في مجال مكافحة الوباء. يقدم الموقع الإلكتروني لحكومة المملكة المتحدة قائمة بجميع الفئات المعفاة.
قواعد الحجر الصحي المتبادلة في البلدان الأوروبية الاخرى
أقرت دول منطقة شنغن والاتحاد الأوروبي أيضًا بعض القيود على السفر. حيث قامت فرنسا بإقرار قواعد مماثلة لإجراءات الحجر الصحي المطبقة في المملكة المتحدة من خلال فرض قيود مماثلة على المسافرين القادمين من المملكة المتحدة وكذلك الركاب القادمين من إسبانيا، على الرغم من أنه يمكن لهؤلاء المسافرين أيضًا تطبيق إجراءات العزل الذاتي طواعية.
وعلى الرغم من أن المملكة المتحدة وفرنسا كانتا قد شكلتا مجموعة عمل مشتركة بهدف إعفاء المسافرين الفرنسيين القادمين إلى المملكة المتحدة من الخضوع لإجراءات الحجر الصحي لمدة 14 يومًا، إلا أن تلك الإجراءات لازالت تطبق عليهم فعليًا. وقد بدا أن الاتصال الذي جرى بين رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يشير إلى علاقة خاصة بين البلدين، إلا أن المملكة المتحدة ألغت تلك الخطط المتعلقة بإعفاء المسافرين الفرنسيين مما أدى في نهاية المطاف إلى حالة من الارتباك وإلى تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل من قبل الفرنسيين.
وحتى الآن لا زالت الحدود الفرنسية مغلقة، بينما تستمر إسبانيا في فرض فترة حجر صحي على المسافرين الأجانب القادمين إليها، وستظل تلك الإجراءات مطبقة حتى تاريخ 1 يوليو، مع السماح للمواطنين البريطانيين الذين يملكون حق الإقامة الدائمة في إسبانيا بالدخول إليها. وستعيد اليونان فتح حدودها أمام السياح بدءًا من تاريخ 1 يوليو حيث قد يضطر مسؤولو الصحة هناك إلى إجراء فحوصات أولية وفورية على القادمين إلى البلاد، ولكن لن يضطر المسافرون بشكل عام إلى إجراء اختبار الكشف عن الفيروسات التاجية أو الخضوع لإجراءات العزل الذاتي.
وباستثناء هولندا والسويد، فإن جميع الدول الأوروبية، بما فيها سويسرا، تفرض قيودًا على المسافرين القادمين من المملكة المتحدة.
مع بدء الدول بشكل عام بتخفيف القيود المفروضة على السفر، إلا أنها تتباين في مدى سرعتها بتطبيق إجراءات رفع تلك القيود. فعلى سبيل المثال فإن الدول التي تعتمد على السياحة بشكل كبير مثل إيطاليا وقبرص والبرتغال، فإنها تتلهف إلى عودة قطاع السفريات إلى سابق عهده، مما يجعلها تسبق بلدانًا أخرى في اتخاذ قرارات تخفيف القيود المفروضة على السفر بشكل تدريجي. وتعمل معظم دول الاتحاد الأوروبي على تخفيف قيود الدخول إليها بدءًا بالمسافرين القادمين من الدول المجاورة لها. فعلى سبيل المثال تخطط ألمانيا إلى رفع قيود السفر عن القادمين إليها من فرنسا وسويسرا والنمسا والدنمارك، اعتبارًا من تاريخ 15 يونيو.
بينما تستمر دول أخرى بإغلاق حدودها بشكل كامل، مثل بلجيكا والنرويج وبولندا والتي لا زالت تمنع الدخول إلى أراضيها. بينما تفرض إيرلندا فترة حجر صحي لمدة أربعة عشر يومًا على جميع المسافرين الوافدين إليها.
فيما كان رئيس الوزراء السلوفيني قد أعلن أن حدود بلاده ستكون مفتوحة أمام جميع مواطني الاتحاد الأوروبي اعتبارًا من 15 مايو، معللًا ذلك بأن لدى بلاده “أفضل وضع صحي في أوروبا” من ناحية عدد الحالات المصابة بفيروس كوفيد-19.