أعلنت فرنسا الثلاثاء الماضي عن نيتها خفض أعداد التأشيرات الصادرة لمواطني الجزائر وتونس والمغرب.
على الرغم من اعتراف المتحدث باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال بأنه “قرار صارم وغير مسبوق” إلا أنه وفقًا لتصريحه يعد أيضًا خطوة ضرورية للبلد الأوروبي لمنع الهجرة غير الشرعية المتدفقة من هذه البلدان.
وتتهم الحكومة الفرنسية دول المغرب العربي بالتقاعس عن واجبها لإعادة مواطنيها الذين رُفضت تأشيراتهم ويتواجدون بشكل غير قانوني في فرنسا. ووفقًا للتقارير، فقد أجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حوارًا مع ممثلين من الجزائر وتونس والمغرب، لكنهم لم يتوصلوا إلى اتفاق. حيث يضيف غابرييل أتال حول هذا الأمر “كان هناك حوار وتم توجيه تهديدات، واليوم ننفذ تلك التهديدات”.
عندما ترفض السلطات الفرنسية أحد طلبات التأشيرة، فإنه يتعين على البلد الأصلي للمهاجر تقديم تصريح قنصلي للسماح لهم بطرد ذلك الفرد، وهو الأمر الذي ترفضه الجزائر والمغرب وتونس حسبما يُزعم. أفادت وسائل الإعلام الفرنسية أنه بسبب ذلك لم يتمكنوا من إعادة سوى 22 جزائريًا و 80 مغربيًا و 131 تونسيًا إلى بلدانهم في النصف الأول من العام الجاري، في حين وصلت أعداد طلبات التأشيرة المرفوضة وبالتالي القرارات الصادرة بضرورة مغادرة فرنسا إلى 7,731 حالة للجزائر و 3,301 للمغرب و 3,424 لتونس.
ومن جهته أكد وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في باريس يوم الأربعاء أن دولته “ستخفض أعداد التأشيرات بدرجة كبيرة”.
سوف تخفض فرنسا التأشيرات الممنوحة لتونس بنسبة الثلث تقريبًا بينما ستخفضها إلى النصف لكل من الجزائر والمغرب.
ووفقًا لما صرح به الوزير الفرنسي فإن مواطني شمال إفريقيا الصادرة بحقهم قرارات طرد قد ارتكبوا جرائم أو أصبحوا “متطرفين” أو ليست لديهم تصاريح إقامة. وصرح في مقابلة مع قناة بي إف إم الفرنسية: “طالما أنك لا تقوم بإعادة مواطنيك، فلن نقبل مواطنيك”.
وفي الوقت نفسه ذكرت إذاعة “Europe 1” أن ماكرون قد اتخذ هذا القرار منذ حوالي شهر، ولكن لم يعلن عنه رسميًا ويدخل حيز التنفيذ سوى الآن.
وعلى صعيد تداعيات القرار. وصف المبعوث الجزائري الخاص لدول المغرب العربي والصحراء الغربية عمار بلاني الإجراء بأنه “غير متناسب”، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء الجزائرية. كذلك قامت الجزائر باستدعاء السفير الفرنسي لديها فرانسوا غوييت لتبلغه احتجاجها الرسمي على القرار الأحادي للحكومة الفرنسية الذي تم اتخاذه دون تشاور مسبق مع الجانب الجزائري، وهو ما يدعو إلى التشكيك في دوافعه وخلفياته. وفقًا لما أوردته التقارير.
وفي الرباط كذلك صرح وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة للصحفيين واصفًا قرار ماكرون بأنه “غير مبرر ولا يعكس واقع التعاون القنصلي في مكافحة الهجرة غير القانونية”. وأشار إلى 400 وثيقة قنصلية صدرت للمهاجرين غير الشرعيين من المغاربة في فرنسا، وشدد على أن المغرب “يتصرف دائمًا بشكل مسؤول فيما يتعلق بمسألة الهجرة غير الشرعية”.
ودافع عن موقف بلاده موضحًا أن المشكلة الوحيدة تتمثل في أن العديد من المغاربة الصادر بحقهم قرارات طرد يرفضون الخضوع لاختبار فيروس كورونا اللازم لدخول البلاد، وأن المغرب لا يزال يتوخى “تحقيق التوازن بين تسهيل حركة الأفراد سواء من الطلاب أو رجال الأعمال أو الراغبين في تلقي الرعاية الطبية من جهة، وبين مكافحة الهجرة غير المشروعة من جهة أخرى”.
في المقابل جاءت ردود الفعل التونسية أقل حدة بل مالت لتكون استرضائية في الغالب. حيث ذكرت السلطات التونسية أن تونس من بين الدول المتعاونة في هذا المجال، وتربطها علاقات ممتازة مع فرنسا.
على الرغم من أن وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان أعلن أن هذه السياسة الجديدة لا علاقة لها بالانتخابات الرئاسية التي تجري العام المقبل، إلا أن هذا القرار قد تم إصداره بعد ضغوط من اليمين المتطرف على الرئيس ماكرون لتنفيذ قوانين الهجرة. الهجرة التي تعتبر في حد ذاتها إحدى القضايا الرئيسية في الحملة الانتخابية الرئاسية والتي يتعرض ماكرون بسببها للكثير من الانتقادات.
ومن جهتها فقد أبدت المرشحة الرئاسية وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي من المنتظر أن تواجه ماكرون في الانتخابات الرئاسية المقبلة تأييدها لهذا القرار، رغم أنها ترى أنه جاء متأخرًا كثيرًا وفقًا لتصريحاتها. وكانت لوبان قد صرحت من قبل عبر القناة الثانية الفرنسية أنها في حالة فوزها بالانتخابات، سوف تقترح قوانين أكثر صرامة للهجرة والتجنس.
وحتى هذه اللحظة فلا يزال من غير المعروف ما إذا كان ماكرون سيرشح نفسه لفترة رئاسية جديدة أم لا.