أعلنت المفوضية الأوروبية عن عزمها إحداث نقلة هائلة في نظام طلب تأشيرة شنغن تدخله إلى العصر الرقمي من خلال استبدال ملصقات التأشيرة الورقية بتأشيرات إلكترونية بالإضافة إلى توفير نظام موحَّد لتقديم طلبات التأشيرة عبر الإنترنت. إذا سارت الأمور كما هو مخطط لها فسوف يدخل النظام الجديد حيز التنفيذ بحلول عام 2026.
في الوقت الحالي فإن حاملي جوازات السفر من أكثر من 100 دولة لا تتمتع بإمكانية الوصول بدون تأشيرة إلى منطقة شنغن الأوروبية سوف يحتاجون إلى تأشيرة شنغن إذا ما أرادوا السفر إلى المنطقة. وتتوفر تأشيرات شنغن حاليًا على هيئة تأشيرات ورقية يتم لصقها في جوازات السفر (ويحتاج المسافرون بالتالي إلى تقديم تلك الجوازات وبداخلها التأشيرات الملصقة إلى مسؤولي المعابر الحدودية للدخول إلى منطقة شنغن). ويقوم الراغبون في السفر إلى المنطقة بتقديم طلباتهم للحصول على التأشيرة من خلال سفارة أو قنصلية دولة شنغن التي تُعتبر وجهتهم الأساسية في المنطقة. تتضمن عملية طلب التأشيرة تقديم العديد من المستندات والمواد، بما في ذلك نموذج طلب تأشيرة شنغن الأساسي. وفي حين أن بعض البلدان توفر لمقدمي الطلبات إمكانية التقديم عبر الإنترنت، إلا أنها جميعًا تطلب من المتقدمين أن يقوموا بالحضور شخصيًا وتقديم نسخة ورقية مطبوعة من نموذج الطلب (وإكمال بعض المتطلبات الإضافية التي تتطلب الحضور الشخصي).
وفي واقع الأمر ستجعل هذه الإصلاحات الجديدة عملية التقديم الإلكتروني لتأشيرة شنغن (والتي تختلف حاليًا من دولة لأخرى) موحدَّة لجميع الدول. ابتداءً من لحظة تنفيذ تلك التعديلات المقترحة سوف يصبح بإمكان جميع الراغبين في الحصول على تأشيرات شنغن أن يقدموا من خلال نفس النظام عبر الإنترنت بغض النظر عن الدولة التي يقدمون طلباتهم إليها. بينما في النظام الحالي يحتاج مقدمو الطلبات إلى تحديد وجهتهم الأساسية في منطقة شنغن (وهي مسألة صعبة لكثير من مقدمي الطلبات، وخاصةً للمسافرين الذين يسعون إلى السفر إلى وجهات متعددة في المنطقة)، وبالتالي فإن نظام التقديم عبر الإنترنت سوف يوفر على المتقدمين مسؤولية هذا التحديد لوجهة التقديم. كذلك فإن عملية رقمنة التأشيرة الملصقة سوف تسمح بتطبيق مجموعة من الإجراءات الأمنية الوقائية الجديدة التي تهدف إلى منع الاحتيال وضمان الحفاظ على حقوق مقدمي الطلبات التي يكفلها لهم القانون الأوروبي. ستكون بوابة التقديم عبر الإنترنت بمثابة مكان واحد يوفر للمتقدمين كافة المعلومات التي يحتاجونها حول تأشيرات شنغن وأحدث المتطلبات اللازمة للحصول على التأشيرة. وفي حين أنه يجب على المتقدمين في الوقت الحالي الدخول إلى الأقسام الخاصة بالتأشيرات في مواقع قنصليات دول شنغن المختلفة للحصول على المعلومات الخاصة بكل دولة حول كيفية التقديم للحصول على التأشيرة، فإن النظام الجديد سيوفر سجلًا شاملًا لكافة المعلومات الأساسية والموثوقة المتعلقة بتأشيرة شنغن، بما في ذلك المعلومات المتعلقة برسوم التأشيرة والمقابلات الشخصية والمستندات والمواد المطلوبة للتقديم.
وفقًا لمسؤولي الاتحاد الأوروبي فإنه يُنظر إلى هذه الإصلاحات على أنها تدابير فعالة من حيث التكلفة ستعزز من الأمن المشترك للدول الأعضاء بالإضافة إلى تحسين تجربة التقديم (على مستوى تقديم الطلبات ومعالجة الطلبات المقدمة). حيث أظهرت جائحة فيروس كورونا الحاجة إلى إصلاح النظام الحالي، وكشفت عن القيود التي تفرضها الكثير من المتطلبات التي تستدعي الحضور الشخصي لمقدمي طلبات التأشيرة. بموجب النظام الجديد، فإن المطلب الحالي الذي يكاد يكون مشتركًا بين جميع دول شنغن والذي يفرض على مقدمي الطلبات الحضور شخصيًا سوف يسري حصريًا على المتقدمين الذين لم يتم إدراجهم بعد في النظام (أي المتقدمين الجدد الذين لم يتم أخذ بصمات أصابعهم وصورهم من قبل لأغراض تسجيل البيانات البيومترية أو المتقدمين السابقين الذين انتهت صلاحية بياناتهم المسجلة، على سبيل المثال).
ومن المنتظر أن يقوم المجلس الأوروبي والهيئات التابعة له بدراسة هذا الاقتراح الذي قدمته المفوضية. وفي حالة اعتماده، فإن الجدول الزمني المقترح لتطبيقه بشكل متكامل بين دول شنغن الست والعشرين يقدر بخمس سنوات، حيث يُتوقع أن يصبح نظام الطلب الإلكتروني لتأشيرة شنغن عبر الإنترنت متاحًا بصورة جزئية على الأقل بحلول عام 2025، مع التطبيق الشامل له (في جميع الدول الست والعشرين) بحلول عام 2031.